يُعرّف الخبر في معجم الوسيط بأنه: ما يُنقل ويُحدث به قولاً أو كتابة، وقولٌ يحتمل الصدق والكذب لذاته.
يمكن تعريف جريدة البصلة (The Onion) بأنها جريدة ساخرة تقتنص الأحداث الجارية المحلية والعالمية مستهزأةً بها عبر "مانشيت" إخباري. تشتهر جريدة البصلة (The Onion) بعناوين إخبارية على شاكلة: "دوران الأرض يغرق قارة أمريكا الشمالية بأكملها في الظلام"، كناية عن الحدث الطبيعي المتمثّل في حلول الليل. أو "أمٌ لم تزل تبحث عن حضانة تصب كل اهتمامها على طفلها وطفلها فحسب.". وتلك سخرية من إفراط النزعة الطبيعية بداخل الأم في بحثها عن الرعاية المثلى لأبنائها.
وتقارير علمية لا تكاد تميّز زيفها من حقيقتها، مثل تقريرهم عن العلماء الذين أخبروا غوريلا في مختبر عن حتميّة موته، قبل أن تنتابه أزمة اكتئاب تساؤلات وجودية:
بحسب رئيس جريدة البصلة (The Onion)، بدأت الجريدة في ١٩٨٨ في زمن الرئيس الأمريكي رونالد ريقان. حين نشرت جريدة USA Today قسمًا بعنوان "المعلومات الترفيهية" (Infotainment) لغرض نقل المعلومات والترفيه، لكنها تميل للترفيه أكثر من المعرفة. غلبت العناصر البصرية على النصوص في هذا القسم.
باستلهام من نجاح قسم "المعلومات الترفيهية" (Infotainment)، قرر شابان يدرسان في جامعة ماديسون تأسيس جريدة البصلة (The Onion). سميّت الجريدة نسبةً لعادات أحدهما الغذائية غير الموفّقة حسب تصريح رئيسها. كان الغرض الرئيسي من إنشاء الجريدة منافسة USA Today بجامعتهم، بسبب "تهديدها للصحافة". مع محاولاتهم المستمرة لتأسيس الجريدة والنشر، اختلق المؤسسان الأخبار فحسب لملء الصفحات دون مصداقية أو أساس واقعي لها.
انتقلت الجريدة من المطبوعات إلى النشر الإلكتروني في عام ١٩٩٥ بعد أن اشتراها سكوت ديكرز، رئيسها الحالي. دائما ما يشار لطبيعة النشر الساخر بأنه محاكاة للمؤسسات الإخبارية الكبيرة وما يعرف عنها من غياب للمصداقية والعقلانية. فإن حاولت التفريق بين عنوان ساخر وآخر جاد، لن تستطيع التمييز بينهما، وذلك لأن الحقائق أصبحت ضبابية ولا يمكنك الوثوق بما تقرأ على شبكة الويب، فهذا "عالم مابعد الحقيقة".
أكتب هذا العدد من النشرة لأجل معلومة واحدة مدهشة لها علاقة بالكتابة والمدى الذي بإمكانها أخذك إليه. بدأت جريدة البصلة (The Onion) بالكتابة في سنوات تأسيسها، ولم تزل تكتب أخبارها الهزلية. كلما ظننتَ بأن مصير الكاتب متوقعٌ، أثبتت لك الوقائع أن الأمر قد يجتازُ جميع خيالاتك. رغم متابعتي اليسيرة منذ سنوات لما تنتجه جريدة البصلة (The Onion) أثناء الأخبار العالمية للتسلية، إلا أنني لم أتوقع ضخامة حجمها وقيمتها المالية.
لتتضح الصورة بالمقارنة، اشترى مؤسس أمازون جيف بيزوس جريدة الواشنطن بوست (Washington Post) الموقع الإخباري الذي يعود تأسيسه لـ ١٨٧٧م بـ ٢٥٠ مليون دولار. فيما استحوذت أكبر شركة إعلامية ناطقة بالأسبانية Univision على ٤٠٪ من جريدة البصلة مقابل ٢٠٠ مليون دولار، مما يجعل تقييم الشركة الإجمالي يصل لحد ٥٠٠ مليون دولار. ذلك ضعف ما دفعه جيف بيزوس لجريدة عريقة جادّة . قُيّمت جريدة البصلة (The Onion) بهذا التقدير بسبب زياراتها المرتفعة التي تقدّر بحوالي ٢٥ مليون زائر شهريًا.
كل ذلك النجاح بدأ من مزحة ولم يزل ناجحًا بها. أصبحت متأكدًا بأن كل من يكتب باستمرار سيصل لوجهة ما، لا أعلم مدى النجاح الموعود بالوجهة، إلا أنه مكان أبعد مما ابتدأ منه على الأقل.
محمد.
إذا أعجبك هذا العدد اقرأ على مدونتي مقال: هل توظّف الشركات كاتبًا أم تستعينُ بمستقل؟ والذي تناول تقريرًا لسيمروش (Semrush) بعنوان «تقرير حالة عمليات المحتوى والاستعانة بمصادر خارجية» .
حقوق الصورة البارزة: LightRocket via Getty Images