أهلًا بالأصدقاء 👋🏽
الحقيقة أن الالتزام بالكتابة في النشرة البريدية عملية ليست سهلة. عندما بدأت النشر هنا كانت الخطة نشرًا أسبوعيًا، ووجدت أن ذلك الالتزام كثير. ثم استمعتُ لنصائح الأصدقاء بأن النشر الشهري أخفّ، فبدأت به. لكنني فشلت حتى بالالتزام بعدد شهري مع شعور الحسرة المستمر لإهمال النشرة. هل حقًا لا يسعنا الوقت لكتابة مقال شهري واحد أم أننا نسّوف ونبحث عن الأعذار؟
لكي أدافع عن نفسي، كنت منشغلًا جدًا في هذه السنة، ربما تكون أكثر سنين حياتي مغامرة. إذا كنت توّد القراءة عن التجارب الشخصية، سأتحدث أكثر عما حدث، فكلها لها علاقة مباشرة بالكتابة ومهنتي ككاتب. الآن أشارككم عددًا قصيرًا، وأظنه يفيدنا جميعًا. لعلّه يكون تمرينًا لإعادة لياقة النشر بعد قرابة السنة من الانقطاع.
لماذا لا تشعر بالتغيير؟
يستاء المجتهد في سعيه لتحقيق أهدافه، من بطء التقدم وتحقيق ما يرغب به. مثلما يشعر الساعي إلى غايته عندما يقارن منجزاته الحالية بالمكان الذي وصل إليه أقرانه في سعيهم. الخبر الجيّد أن هنالك ما يجب عليك معرفته قبل إطلاق الحكم على نفسك.
لم تكن مفاهيم العمى غير المقصود وعمى التغيير لهما علاقة مباشرة بالكتابة، لكنني وجدتهما تفسيرًا منطقيًا حينما طرأ عليّ سؤال عن مستوى الكتابة وجودتها عند الكاتب الملتزم يوميًا. وشعرت بأن هذا الانطباع مشترك بين العديد ممن يحاول تطوير مهارة معينة مهما كان نوعها. ليس في الكتابة فحسب بل في أي جهد مبذول في صناعة ما، فمدى التحسن قد لا يكون ظاهراً عبر الوقت. فما هي الأسباب؟
أظن أن الظاهرة الإدراكية المسماة عمى التغيير (Change Blindness) هي الإجابة، وهي الفشل في ملاحظة الفرق بين ما هو حاصل الآن، وما حصل قبل وهلة. إضافة إلى العمى غير المقصود (Inattentional Blindness)، وهو الفشل في ملاحظة واضحة وجليّة أمامك حينما يكون تركيزك على شيء أو شخص آخر.
شاهد الفيديو للتعرف على هذين المفهومين:
من المهم معرفة أن عمى التغيير والعمى غير المقصود، لهما دوران مهمان في أدمغتنا. قبل أن تتمنى كونك شخص يلاحظ أصغر التفاصيل في ما يمكن أن يتغير في يومك، عليك أن تدرك أن تلك النباهة المفرطة قد تصبح عذابًا بمعنى الكلمة. تمر على ذهنك العديد من التفاصيل التي لا تستحق أن تعيرها الانتباه، فهل يمكنك أن تتصور معرفة فاحصة لكل ما قد يمر في يومك؟ سيئًا كان أو جيدًا؟
توجد عدّة طرق يمكنك الاستعانة بها لقياس النمو في حياتك الشخصية. أولًا، تدوين النتائج على نحو دوري. مثل أن تجعل لك قياسًا أسبوعيًا ترصد فيه التغيير باستمرار. يمكنك أيضًا أن تستعين بأعين من حولك في إخبارك بالتغيير. كلنا يحبّ تلك الثناءات التي تلاحظ علينا تغييرًا نمرّ به: "ماشاء الله وزنك نازل"، "وش هالفن متى صرت تعرف تستخدم هالأداة". الملاحظات الخارجية هي مؤشر على تغييرنا الذي لا نشعر به.
ولنسأل السؤال الواضح، هل من الصحي أن نحاول تَتبّع التغيير باستمرار؟ الإجابة هي قطعًا لا. إن استطعت أن تخفف من رغبتك في متابعة التغيير باستمرار فافعل. من المهم أن نعرف موقعنا، ولكن الهوس بالمتابعة ليس صحيًا.
محمد.
حقوق الصورة البارزة: Photo by Paulina Milde-Jachowska on Unsplash